خبرك بعمّان قرية

لقد شكل مجرى السيل مسار مائل يسمى الوادي وجمعها أودية، وفي عمّان منها الكثير التي تمر بين الجبال، وقد استغل الرومان تلاقي أثنين من هذه الأودية لبناء سبيل الحوريات الذي كانت تُغذى أحواضه بمياه عذبة متدفقة. إنه من الطبيعي أن تكون الأراضي المتاخمة للسيول والأنهار العذبة، مثالية للزراعة، وهذا كان مقصد اللاجئين الشركس والشيسان الذي استوطنوا بالقرب من المياه في عمّان والزرقاء. وقد كانوا مزارعين وليسوا صُّناع، فلماذا تحولت القرية الزراعية الى مدينة حضرية، وهل خدمت طوبوغرافيتها نموها على نحو نموذجي.

مما لا شك فيه بأن المنطقة المحاذية لسيل عمّان جبلية، ووصفت يوماً ما بالجبال السبعة، ولطالما كان هناك جبل، فهناك وادي، وكلما ضاق الوادي إزداد ميلان الجبل. لقد كان الإختيار المكاني لأول إستيطان بشري مكتشف بهذه المنطقة في عين غزال التي لا تبعد سوى بضعة كيلومترات إلى الشرق من المدرج الروماني، مما يؤكد بأن هذه المنطقة كانت جاذبة للإستيطان منذ آلاف السنين، وهي محمية بقلعة تطل عليها من علٍ. لقد لعبت التحولات الجيوسياسية دوراً مهماً في نمو المدن، وقد حظيت مدن دمشق وبغداد بأهمية كبرى كمراكز للحكم الأموي والعباسي، مما قلل من أهمية المدن الأخرى، وجعلها محطات أو بمصطلحاتنا الحضرية الحالية مدن ثانوية ومنها عمّان التي دخلت بسبات عميق إمتد لفترات طويلة إستفاقت بعدها بقرار سلطاني من الباب العالي. وقد تمت حوكمة العمل البلدي من خلال قانون تشكيل الولايات العثماني، وتشكلت عدة مجالس بلدية في كل من أربد سنة 1880، وفي الكرك سنة 1884، وفي السلط سنة 1893، وفي معان سنة 1905. وقد شكل تشغيل خط الحديد الحجازي في العام 1908 الأساس لمشروع نهضة يربط المناطق بعضها ببعض من خلال محطاته المختلفة التي توقف فيها والتي زادت من أهمية المناطق المار والمتوقف فيها، ومنها عمّان التي حظيت بموقف في المحطة إلى الشرق من المدرج الروماني والذي سرّع بتشكيل مجلسها البلدي الأول سنة 1909 برئاسة الشركسي إسماعيل بابوق.